الحديث التاسع مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْه فَاجْتَنِبُوه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخير ته الله ، قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كثرَةٌ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ». رَوَاهُ البُخَارِي وَمُسْلِم (1)
الشرح مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْه فَاجْتَنِبُوه..........
«ما» في قوله: «ما نهيتكم»، وفي قوله: (ما أمرتكم شرطية؛ يعني: الشيء الذي أنهاكم عنه اجتنبوه كله ولا تفعلوا منه شيئًا؛ لأن الاجتناب أسهل من الفعل، كلِّ يُدْرِكُهُ، وأما المأمور فقال: وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ؛ لأن المأمور فعل، وقد يشق على الإنسان؛ ولذلك قيده النبي صلى الله عليه وسلم الا الله بقوله: «فأتوا منه ما استطعتم».
فيستفاد من هذا الحديث فوائد: وجوب اجتناب ما نهى عنه الرسول ﷺ ، وكذلك ما نهى الله عنه من باب أولى، وهذا ما لم يدل دليل على أن النهي للكراهة. ومن فوائد هذا الحديث أنه لا يجوز فعل بعض المنهي عنه، بل يجب اجتنابه كله و محل ذلك ما لم يكن هناك ضرورة تبيح فعله.
ومن فوائد هذا الحديث وجوب فعل ما أمر به، ومحل ذلك ما لم يقم دليل على أن الأمر للاستحباب.
ومن فوائده أنه لا يجب على الإنسان أكثر مما يستطيع.
و من فوائده: سهولة هذا الدين الإسلامي، حيث لم يجب على المرء إلا ما يستطيعه.
ومن فوائده أن من عجز عن بعض المأمور كفاه بما قدر عليه منه، فمن لم يستطع الصلاة قائمًا صلى قاعدا ومن لم يستطع قاعدًا صلى على جنب، ومن أمكنه أن يركع فليركع، ومن لا يمكنه فليومى بالركوع، وهكذا بقية العبادات يأتي الإنسان منها بما يستطيع.
ومن فوائد هذا الحديث أنه لا ينبغي للإنسان كثرة المسائل؛ لأن كثرة المسائل ولا سيما في زمن الوحي ربما يوجب تحريم شيء لم يحرم أو إيجاب شيء لم يجب، وإنما يقتصر الإنسان في السؤال على ما يحتاج إليه فقط .
ومن فوائد هذا الحديث أن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء من أسباب الهلاك، كما هلك بذلك من كان قبلنا.
ومن فوائد هذا الحديث: التحذير من كثرة المسائل والاختلاف؛ لأن ذلك أهلك من كان قبلنا، فإذا فعلناه فإنه يوشك أن نهلك كما هلكوا.
(1) أخرجه البخاري (۷۲۸۸)، ومسلم (۱۳۳۷).
من تفسير فضيلة الشيخ العلامة : محمد صالح بن العثيميين .
تعليقات
إرسال تعليق