من فقه الصيام في الإسلام (1)
الصوم في الإسلام يقتضي الإمساك عن المفطرات (وهي الطعام والشراب والجماع) من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس. والصيام منه الواجب كصوم شهر رمضان، وصوم النذر، ومنه ما هو مندوب كصيام ستة أيام من شهر شوال، وصيام الثلاثة أيام البيض من كل شهر قمري، وصيام الإثنين والخميس من كل أسبوع، ومنه ما هو مكروه كصوم يوم عرفة للحاج، ومنه ما هو منهي عنه كصوم يوم عيدي الفطر والأضحى وأيام التشريق.وصوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه فرضه ربنا تبارك وتعالى على كل مسلم بالغ عاقل صحيح ومقيم، وذلك لقوله تعالى: *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* (البقرة:183)، وقوله تعالى: *فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ* (البقرة:185)، ولقول رسول الله ﷺ: "بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا".
ويثبت دخول شهر رمضان بالرؤية البصرية لمن يوثق في دينه وقوة بصره، كما يثبت بالرؤية بواسطة المراصد الفلكية، وبالحساب الفلكي المؤيد بالرؤية الفلكية أو البصرية. ورؤية الهلال إذا ثبتت بعد غروب الشمس في أي بقعة من بقاع الأرض، فهي ملزمة لجميع أقطار الأرض متى علموا بها، وذلك لأن ميلاد الهلال هو حدث كوني غير مرتبط ببقعة محددة من الأرض، وذلك مع احتساب الفروق الزمنية بين منطقة جغرافية وأخرى وهي فروق لا تتعدى 12 ساعة بالزائد أو بالناقص. ولما كان كل من القمر والأرض يدور حول محوره من الغرب إلى الشرق، فإن البلاد في نصف الأرض الغربي ترى هلال أول الشهر القمري لفترة أطول من رؤية البلاد في نصفها الشرقي له.
والنية شرط في صحة الصيام، والمراد بالنية قصد الصوم طاعة لله تعالى وامتثالا لأوامره، والنية محلها القلب. وتبييت النية في صيام شهر رمضان واجب أو مندوب من غروب شمس اليوم السابق إلى ما قبل طلوع الفجر، وذلك لقول رسول الله ﷺ: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له". وتكفي نية واحدة لشهر رمضان كله في أول ليلة منه (ما لم يقطع الصيام لسفر أو مرض) وإن كانت النية في كل ليلة من ليالي شهر رمضان من الأمور المستحبة.
والفجر الصادق (المستطير) هو البياض الذى ينتشر فى الأفق ومعه أواخر الحمرة، وهو وقت وجوب بدء الصيام، ووقت الأذان لصلاة الفجر. أما الفجر الكاذب فهو عبارة عن ستائر رأسية من نور تتدلى من السماء إلى الأرض بألوان الطيف ثم تختفى. والتقيد بضرورة الإمساك قبل طلوع الفجر الصادق هو طاعة لأمر ربنا تبارك وتعالى الذى يقول فيه: *...وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ...* (البقرة:187).
من سنن الصيام:
تعجيل الفطر بعد التيقن من غروب الشمس، وقبل أداء صلاة المغرب. كذلك من سنن الصيام تأخير وجبة السحور إلى ما قبل طلوع الفجر الصَّادق، وفى ذلك يقول رسول الله ﷺ: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"، وكان ﷺ يفطر قبل أن يصلى المغرب على رطبات، فإن لم يجد فتمرات، فإن لم يجد حسى حسوات من ماء.
ومن سنن الصيام الجود والكرم، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فرسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة"، وقال ﷺ: "من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شَيْء".
ومن سنن الصيام ضبط النفس من الغضب، لقول رسول الله ﷺ: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم...إني صائم".
ومن سنن الصيام الاجتهاد في إداء نوافل العبادات بعد أداء الفرائض، وذلك من مثل الاجتهاد في قيام ليالي رمضان بأداء صلاة التراويح، وبالعكوف على مدارسة القرآن، وذلك لقول رسول الله ﷺ: "الصيام والقرآن يشفعان يوم القيامة للعبد، يقول الصيام: أي رب: منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان".
ومن سنن شهر رمضان الحرص على أداء العمرة للقادر، وذلك لقول رسول الله ﷺ: "عمرة في رمضان تقضي حجة، أو قَال: حجة معي". ومن سنن هذا الشهر الفضيل الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لما روته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها من أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده. ويندب للمعتكف أن ينشغل بكل من الصَّلاة والذ كر وتلاوة القرآن الكريم مع التدبر، ومدارسة العلوم الشرعية والقضايا الرئيسية للأمة الإسلامية، والذكر والاستغفار، ويكره له فضول الْكَلام. وأماكن الإعتكاف لكل من الرجال والشباب هي المساجد، أما إعتكاف كل من النساء والصبايا فيكون في بيوتهن. وتبدأ فترة الإعتكاف من قبل غروب شمس العشرين من رمضان، وتنتهى مع غروب شمس اليوم الأخيرمن هذا الشهر المبارك، وإن إستحب بعض الفقهاء بقاء المعتكف فى معتكفه إلى ما بعد صلاة العيد. ويشترط فى المعتكف الطهارة، ويباح له الخروج من معتكفه كلما إحتاج إلى ذلك، وليس على المعتكف أن يعود مريضا أو أن يتبع جنازة أو أن يخرج من معتكفه إلا لضرورة.
ومن سنن الصيام الجود والكرم، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فرسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة"، وقال ﷺ: "من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شَيْء".
ومن سنن الصيام ضبط النفس من الغضب، لقول رسول الله ﷺ: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم...إني صائم".
ومن سنن الصيام الاجتهاد في إداء نوافل العبادات بعد أداء الفرائض، وذلك من مثل الاجتهاد في قيام ليالي رمضان بأداء صلاة التراويح، وبالعكوف على مدارسة القرآن، وذلك لقول رسول الله ﷺ: "الصيام والقرآن يشفعان يوم القيامة للعبد، يقول الصيام: أي رب: منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان".
ومن سنن شهر رمضان الحرص على أداء العمرة للقادر، وذلك لقول رسول الله ﷺ: "عمرة في رمضان تقضي حجة، أو قَال: حجة معي". ومن سنن هذا الشهر الفضيل الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لما روته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها من أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده. ويندب للمعتكف أن ينشغل بكل من الصَّلاة والذ كر وتلاوة القرآن الكريم مع التدبر، ومدارسة العلوم الشرعية والقضايا الرئيسية للأمة الإسلامية، والذكر والاستغفار، ويكره له فضول الْكَلام. وأماكن الإعتكاف لكل من الرجال والشباب هي المساجد، أما إعتكاف كل من النساء والصبايا فيكون في بيوتهن. وتبدأ فترة الإعتكاف من قبل غروب شمس العشرين من رمضان، وتنتهى مع غروب شمس اليوم الأخيرمن هذا الشهر المبارك، وإن إستحب بعض الفقهاء بقاء المعتكف فى معتكفه إلى ما بعد صلاة العيد. ويشترط فى المعتكف الطهارة، ويباح له الخروج من معتكفه كلما إحتاج إلى ذلك، وليس على المعتكف أن يعود مريضا أو أن يتبع جنازة أو أن يخرج من معتكفه إلا لضرورة.
- من موجبات الإفطار في رمضان:
كل من الحيض والنفاس يوجب الفطر والقضاء فيما بعد، وذلك قبل رمضان التالي.
- من مبررات الإفطار في رمضان: كل من المرض والسفر يبيح الإفطار فى نهار رمضان ثم القضاء قبل رمضان التالي، والسفر المبيح للفطر هو السفر الطويل الذي يبيح قصر الصلاة (أكثر من 80 كم) وذلك لقول الله تعالى: *أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...* (البقرة:184).
والمرض هنا هو المرض الذي يرجى شفاؤه، و لكن يشق معه الصوم، ويكون على صاحبه القضاء قبل رمضان التالي، ولكن إذا لم يكن المريض يتضرر بالصوم لم يبح له الفطر، وإذا تحمل هذا المريض المشقة وصام صح صومه، اما الذي يشق عليه الصوم لمرض مزمن لا يرجى برؤه، أو لشيخوخة طاعنة في السن فعليه الفدية بإطعام مسكين (وجبتين عن كل يوم، ويقدر ذلك بمد إلى مدين من القمح أو من غير ذلك من الطعام السائد في المنطقة، والمد يعادل ملء الكفين المتوسطين) وذلك انطلاقا من قوله تعالى: *وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ...* (البقرة: 184).
و المفطر فى هذه الحالة لا قضاء عليه إلا إذا زال عنه المرض بالكامل.
وفي كل حالات المرض والسفر التي يرخص فيها بالفطر، فإن الصوم للقادر عليه أفضل، وذلك لقول الحق تبارك وتعالى: *...وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* (البقرة: 184).
- والمسافر لا يفطر إلا إذا غادر بلده، فإن أفطر في بلده فعليه القضاء ولا كفارة عليْه، و إن عاد إلى بلده نهارا وجب عليه أن يمسك صيامه إذا كان صائما، فإن لم يكن صائما فله أن يأكل ويشرب في ستر بقية يومه. والمسافر لمدة قصيرة له أن يفطر ويقصر الصلاة أربعة أيام، فإن امتدت إقامته لأكثر من ذلك أتم الصلاة ووجب عليه الصوم.
- وأي من الحامل أو المرضع إن خافت على نفسها أو على ولدها فيرخص لها بالفطر لقول رسول الله ﷺ: "إن الله وضع شطر الصلاة عن المسافر، ووضع عنه الصوم، ووضع عن الحامل والمرضع الصيام"، وفي رواية: "وأرخص فيه للمرضع والحبلى إذا خافتا على ولديهما"، وهذا الخوف يقرره الطبيب المسلم أو التجربة السابقة، والقضاء واجب في هذه الحالة.
- و كل من أصحاب المهن الشاقة يجوز له أن يفطر إذا كان لا يمكن له أن يتحمل الصيام، وعليه القضاء، بشرط أن يكون محتاجا لهذا العمل، وأنه يتضرر بتركه.
- ومن الأفضل قضاء الأيام التي أفطرها العبد المسلم في رمضان متتابعة، وإن جاز له أن يقضيها متفرقة.
- تأخير القضاء عن رمضان حتى دخول رمضان التالي بغير عذر شرعي كالمرض لا يجوز، ومن كان له عذر شرعي فإنه يقضي ولا يلزمه إطعام، وأما إن كان التأخير بغير عذر شرعي فعليه القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم.
2) القيء عمدًا، لقول الرسول صل الله عليه وسلّم: "من درعه (أي غلبه) القيء فليس غليه قضاء ومن استقاء عمدًا فليقض"، والذي يستقيء عمدًا يفطر، ولكن عليه متابعة الإمساك، والقضاء بعد رمضان.
3) أخذ الحقن المغذية (كالفيتامينات) مفطر للصائم أما الحقن غير المغذية فإن احتاج إليها الصائم فإنها لا تفطر، كذلك فإن كلا من الحقن الشرجية والتحاميل والقطرات في كل من العينين والأذنين والأنف وكذلك الكحل إذا أُخذت للحاجة الطبية ودون مبالغة فإنها لا تفطّر الصائم، وذلك انطلاقًا من قول رسول الله صل الله عليه وسلّم: "بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا"، والضابط في هذه الحالات ألا يصل شيء منها إلى الحلق فإنه يفسد الصيام وقياسًا على ذلك فإن وصول ماء المضمضة والاستنشاق إلى الحلق مع تذكر الصيام فإنه يفسده، وفي هذه الحالة يجب متابعة الصيام ثم القضاء، أما الناسي فلا حرج عليه.
4) الحجامة في نهار رمضان تفسد الصيام، وذلك لقول الرسول صل الله عليه وسلّم: "أفطر الحاجم والمحجوم". أما الدم الخارج من الجسم بسحب عينة منه للتحليل، أو النازف بسبب الرعاف أو خلع الضرس فإنه لا يفسد الصيام. والدم المسحوب بكميات كبيرة للنقل إلى مريض فإنه يفطر، ولا تأثير لخروج الدم من الأنف أو الفم أو فجأة على صحة الصيام.
5) غسيل الكلى يفسد الصيام، والذي يبتلى بذلك عليه الكفارة.
6) إنزال المني بمباشرة الزوجين دون الجماع عمدًا (كالتقبيل) يفسد الصيام، ويوجب القضاء، وإنزال المني في حال اليقظة فإنه يوجب غسل الجنابة والقضاء دون الكفارة أما احتلام الصائم فلا يفسد صيامه.
7) إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع زوجته ظانًا عدم طلوع الفجر أو غروب الشمس ثم تبين له خلاف ذلك فعليه القضاء، ومن يصبح جنبًا من الجماع أو الاحتلام فيغتسل ويصوم.
* أما من أكل أو شرب ناسيًا وهو صائم فلا إثم عليه.
ويجوز لمن يقوم بطهي الطعام أن يتذوق للتأكد من صلاحيته وهو صائم، بحيث يكون ذلك على طرف اللسان ثم يمجه (رجعه) ويتمضمض.
9)التدخين بمختلف أشكاله يفسد الصيام ويقتضي القضاء وكذلك البخور الذي يصل إلى الجوف.
10) أما ما يفسد الصيام ويستوجب القضاء والكفارة فهو الجماع في نهار رمضان عامدًا لأن ذلك يوقع فاعله في الإثم، ويوجب عليه الإمساك فورًا، وعليه القضاء والكفارة، وهي أغلظ الكفارات (فذلك يقتضي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا). وعلى المرأة المشاركة في هذه المخالفة الشرعية مثل ذلك إن كانت غير مكرهة، أما إذا كانت مكرهة فعليها القضاء والتوبة، ولا كفارة عليها.
* المسلم الذي لم يصم شهر رمضان لعدد من السنوات دون عذر شرعي، ثم تاب إلى الله تعالى لا يلزمه القضاء، ولكن عليه التوبة إلى الله والإكثار من العمل الصالح.
"من مات وعليه صيام صام عنه وليه"، ولكن الإمام أحمد رضي الله عنه ذهب إلى أن القضاء عن الميت خاص بالنذر، أما الفرض فلا يقضى عن الميت، ولكن يتصدق من تركته عن كل يوم نصف صاع وذلك استنادا إلى حديث رسول الله ﷺ: "لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد"، ولكن هذا الحديث محمول على الأحياء، ولا ينسحب على الأموات.
(2) الكفر مبطل للصيام، سواء كان ذلك بالقول أو بالعمل أو بالاعتقاد، فإذا ارتد الصائم عن دينه فسد صومه، وعليه التوبة والعودة فورا إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين، والإمساك بقية النهار، ثم قضاء هذا اليوم بعد رمضان. ومن صور الردة عن الإسلام سب الله تعالى أو سب أنبيائه، أو سب ملائكته، أو الاستهزاء بالدين وفرائضه وأحكامه، أو إهانة المصحف الشريف، وغير ذلك من السلوكيات الشاذة التي حرمها الإسلام.
(3) لا يصح الصيام من الكافر ولا من المشرك ولا من المرتد، ولا يقبل من أي منهم، وذلك لأن الإيمان شرط لقبول الأعمال الصالحة.
(4) لا يجب الصيام على الصبي حتى يبلغ، ولكن يستحب للوالدين أن يشجعاه على ذلك ولو لجزء من النهار، حتى يتعود عليه قبل سن البلوغ، ثم يأمرانه به إذا بلغ.
(5) لا يجب الصيام على فاقد العقل (المجنون)، ولا قضاء عليه.
(^) نية الصيام تكون بالقلب، ولا بد فيها من التثبيت، أي إيقاعها ليلا بين غروب الشمس وطلوع الفجر لكل يوم من أيام رمضان، وذلك لقول رسول الله ﷺ: "من لا يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له"، وتكفي النية عن صيام الشهر كله في ليلة اليوم الأول من الشهر بان يقول: "نويت صوم شهر رمضان المبارك عن هذه السنة إيمانا واحتسابا لوجه الله الكريم، اللهم يسره لي وتقبله مني".
(7) عند الإفطار يسن للمسلم أن يقول: ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى، الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت، اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم".
- من مبررات الإفطار في رمضان: كل من المرض والسفر يبيح الإفطار فى نهار رمضان ثم القضاء قبل رمضان التالي، والسفر المبيح للفطر هو السفر الطويل الذي يبيح قصر الصلاة (أكثر من 80 كم) وذلك لقول الله تعالى: *أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ...* (البقرة:184).
والمرض هنا هو المرض الذي يرجى شفاؤه، و لكن يشق معه الصوم، ويكون على صاحبه القضاء قبل رمضان التالي، ولكن إذا لم يكن المريض يتضرر بالصوم لم يبح له الفطر، وإذا تحمل هذا المريض المشقة وصام صح صومه، اما الذي يشق عليه الصوم لمرض مزمن لا يرجى برؤه، أو لشيخوخة طاعنة في السن فعليه الفدية بإطعام مسكين (وجبتين عن كل يوم، ويقدر ذلك بمد إلى مدين من القمح أو من غير ذلك من الطعام السائد في المنطقة، والمد يعادل ملء الكفين المتوسطين) وذلك انطلاقا من قوله تعالى: *وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ...* (البقرة: 184).
و المفطر فى هذه الحالة لا قضاء عليه إلا إذا زال عنه المرض بالكامل.
وفي كل حالات المرض والسفر التي يرخص فيها بالفطر، فإن الصوم للقادر عليه أفضل، وذلك لقول الحق تبارك وتعالى: *...وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* (البقرة: 184).
- والمسافر لا يفطر إلا إذا غادر بلده، فإن أفطر في بلده فعليه القضاء ولا كفارة عليْه، و إن عاد إلى بلده نهارا وجب عليه أن يمسك صيامه إذا كان صائما، فإن لم يكن صائما فله أن يأكل ويشرب في ستر بقية يومه. والمسافر لمدة قصيرة له أن يفطر ويقصر الصلاة أربعة أيام، فإن امتدت إقامته لأكثر من ذلك أتم الصلاة ووجب عليه الصوم.
- وأي من الحامل أو المرضع إن خافت على نفسها أو على ولدها فيرخص لها بالفطر لقول رسول الله ﷺ: "إن الله وضع شطر الصلاة عن المسافر، ووضع عنه الصوم، ووضع عن الحامل والمرضع الصيام"، وفي رواية: "وأرخص فيه للمرضع والحبلى إذا خافتا على ولديهما"، وهذا الخوف يقرره الطبيب المسلم أو التجربة السابقة، والقضاء واجب في هذه الحالة.
- و كل من أصحاب المهن الشاقة يجوز له أن يفطر إذا كان لا يمكن له أن يتحمل الصيام، وعليه القضاء، بشرط أن يكون محتاجا لهذا العمل، وأنه يتضرر بتركه.
- ومن الأفضل قضاء الأيام التي أفطرها العبد المسلم في رمضان متتابعة، وإن جاز له أن يقضيها متفرقة.
- تأخير القضاء عن رمضان حتى دخول رمضان التالي بغير عذر شرعي كالمرض لا يجوز، ومن كان له عذر شرعي فإنه يقضي ولا يلزمه إطعام، وأما إن كان التأخير بغير عذر شرعي فعليه القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم.
مفسدات الصيام: مما يفسد الصيام ويوجب القضاء فقط ما يلي:
1) الحيض أو النفاس ولو طرأ قبيل الغروب بقليل.2) القيء عمدًا، لقول الرسول صل الله عليه وسلّم: "من درعه (أي غلبه) القيء فليس غليه قضاء ومن استقاء عمدًا فليقض"، والذي يستقيء عمدًا يفطر، ولكن عليه متابعة الإمساك، والقضاء بعد رمضان.
3) أخذ الحقن المغذية (كالفيتامينات) مفطر للصائم أما الحقن غير المغذية فإن احتاج إليها الصائم فإنها لا تفطر، كذلك فإن كلا من الحقن الشرجية والتحاميل والقطرات في كل من العينين والأذنين والأنف وكذلك الكحل إذا أُخذت للحاجة الطبية ودون مبالغة فإنها لا تفطّر الصائم، وذلك انطلاقًا من قول رسول الله صل الله عليه وسلّم: "بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا"، والضابط في هذه الحالات ألا يصل شيء منها إلى الحلق فإنه يفسد الصيام وقياسًا على ذلك فإن وصول ماء المضمضة والاستنشاق إلى الحلق مع تذكر الصيام فإنه يفسده، وفي هذه الحالة يجب متابعة الصيام ثم القضاء، أما الناسي فلا حرج عليه.
4) الحجامة في نهار رمضان تفسد الصيام، وذلك لقول الرسول صل الله عليه وسلّم: "أفطر الحاجم والمحجوم". أما الدم الخارج من الجسم بسحب عينة منه للتحليل، أو النازف بسبب الرعاف أو خلع الضرس فإنه لا يفسد الصيام. والدم المسحوب بكميات كبيرة للنقل إلى مريض فإنه يفطر، ولا تأثير لخروج الدم من الأنف أو الفم أو فجأة على صحة الصيام.
5) غسيل الكلى يفسد الصيام، والذي يبتلى بذلك عليه الكفارة.
6) إنزال المني بمباشرة الزوجين دون الجماع عمدًا (كالتقبيل) يفسد الصيام، ويوجب القضاء، وإنزال المني في حال اليقظة فإنه يوجب غسل الجنابة والقضاء دون الكفارة أما احتلام الصائم فلا يفسد صيامه.
7) إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع زوجته ظانًا عدم طلوع الفجر أو غروب الشمس ثم تبين له خلاف ذلك فعليه القضاء، ومن يصبح جنبًا من الجماع أو الاحتلام فيغتسل ويصوم.
* أما من أكل أو شرب ناسيًا وهو صائم فلا إثم عليه.
ويجوز لمن يقوم بطهي الطعام أن يتذوق للتأكد من صلاحيته وهو صائم، بحيث يكون ذلك على طرف اللسان ثم يمجه (رجعه) ويتمضمض.
9)التدخين بمختلف أشكاله يفسد الصيام ويقتضي القضاء وكذلك البخور الذي يصل إلى الجوف.
10) أما ما يفسد الصيام ويستوجب القضاء والكفارة فهو الجماع في نهار رمضان عامدًا لأن ذلك يوقع فاعله في الإثم، ويوجب عليه الإمساك فورًا، وعليه القضاء والكفارة، وهي أغلظ الكفارات (فذلك يقتضي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا). وعلى المرأة المشاركة في هذه المخالفة الشرعية مثل ذلك إن كانت غير مكرهة، أما إذا كانت مكرهة فعليها القضاء والتوبة، ولا كفارة عليها.
* المسلم الذي لم يصم شهر رمضان لعدد من السنوات دون عذر شرعي، ثم تاب إلى الله تعالى لا يلزمه القضاء، ولكن عليه التوبة إلى الله والإكثار من العمل الصالح.
ملاحظات عامّة:
(1) قضاء الصيام عن الميت عام في الفرض والنذر، وذلك لقول رسول الله ﷺ:"من مات وعليه صيام صام عنه وليه"، ولكن الإمام أحمد رضي الله عنه ذهب إلى أن القضاء عن الميت خاص بالنذر، أما الفرض فلا يقضى عن الميت، ولكن يتصدق من تركته عن كل يوم نصف صاع وذلك استنادا إلى حديث رسول الله ﷺ: "لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد"، ولكن هذا الحديث محمول على الأحياء، ولا ينسحب على الأموات.
(2) الكفر مبطل للصيام، سواء كان ذلك بالقول أو بالعمل أو بالاعتقاد، فإذا ارتد الصائم عن دينه فسد صومه، وعليه التوبة والعودة فورا إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين، والإمساك بقية النهار، ثم قضاء هذا اليوم بعد رمضان. ومن صور الردة عن الإسلام سب الله تعالى أو سب أنبيائه، أو سب ملائكته، أو الاستهزاء بالدين وفرائضه وأحكامه، أو إهانة المصحف الشريف، وغير ذلك من السلوكيات الشاذة التي حرمها الإسلام.
(3) لا يصح الصيام من الكافر ولا من المشرك ولا من المرتد، ولا يقبل من أي منهم، وذلك لأن الإيمان شرط لقبول الأعمال الصالحة.
(4) لا يجب الصيام على الصبي حتى يبلغ، ولكن يستحب للوالدين أن يشجعاه على ذلك ولو لجزء من النهار، حتى يتعود عليه قبل سن البلوغ، ثم يأمرانه به إذا بلغ.
(5) لا يجب الصيام على فاقد العقل (المجنون)، ولا قضاء عليه.
(^) نية الصيام تكون بالقلب، ولا بد فيها من التثبيت، أي إيقاعها ليلا بين غروب الشمس وطلوع الفجر لكل يوم من أيام رمضان، وذلك لقول رسول الله ﷺ: "من لا يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له"، وتكفي النية عن صيام الشهر كله في ليلة اليوم الأول من الشهر بان يقول: "نويت صوم شهر رمضان المبارك عن هذه السنة إيمانا واحتسابا لوجه الله الكريم، اللهم يسره لي وتقبله مني".
(7) عند الإفطار يسن للمسلم أن يقول: ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى، الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت، اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم".
بقلم الدكتور زغلول النجار
تعليقات
إرسال تعليق